موظف.. وليس متسولاً !

تابعنا على:   01:12 2018-02-25

محمود سلامة سعد الريفي

لا يمكننى أن اسدى لك الخدمة التى تريد وعليك أن تقبل عذري..! بهذه العبارة رد موظف البنك موظف اخر من القطاع العام خائبا ويلفه الضيق الشديد..! الحوار بينهما حدث امامي فى أحد البنوك ذائعة الصيت تحمل اسماً ورمزا وطنياً ..! ولكل واحد منهم مبرره الاول محكوم بأنظمة وقوانين صارمة لا تسري الا على بسطاء القوم وفقراءه مما يتقاضون فتات راتب شهري متآكل وتتحلق حوله القوارض الفتاكة تستعر وتنشط حركتها ما ان أذيع خبر صرف الراتب الشهري..! و الآخر مغلوب على أمره بفعل أنظمة ولوائح حالت دون أن ينال سلفة مالية يتم تسديدها من راتبه الشهري يصرف بعد اقل من اسبوعين لم تشفع له حالته المرضية البائنة بينونه كبري ولا رزمة اوراق وتقارير طبية لم يكلف موظف البنك نفسه عناء النظر اليها ولم يعرها اهتماما فى غمرة ما يسوقه من مبررات..! هذا ما لدي ولا استطيع صرف أي مبالغ نقدية..!
حسناً..! لكم ما تريدون يقولها موظفنا المحزون بآسي بالغ لا تلقي لها بالاً اللوائح والفوانين العنصرية المجحفة المتبعة بصرامة أرباب المال لا فرق بينهم وبين نظرائهم من الساسة وأهلها..!
هذه صورة من ألبوم صور يومية قاسية يتعرض خلالها موظفو القطاع العام للقسوة والاجحاف والتعامل أحياناً الغير انساني ولا يليق بمكانته حتى وان جارت عليها الايام وتبدلت احواله لا يبرر لأي موظف فى اي مؤسسة كانت ان يتم التعامل بالشكل الذي يعكس خللاً فى منظومة الاتصال والتواصل والخدمات المقدمة..! وأُسلط الضوء على معاناة شريحة واسعة من الموظفين العمومين ممن يرتادون البنوك والمؤسسات الاقراضية والمالية والتمويلية على النقيض لو ان تاجراً معروفاً جاء البنك لتسير أموره وقضاء مصالحه لن يتوان مدير البنك بعظمته وبهائه ان يقوم من خلف مكتبه ويبادر بإلقاء التحية واطلاق العنان للسانه ينطق بمعسول الكلام ترحيباً وثناءً واستضافته فى مكتبه وانجاز معاملاته على وجه السرعة بدقائق معدودة يتناولان خلالها قهوة البنوك الفاخرة بكل تأكيد لا تحتوي أي اضافات ولا توابل ولا اصباغ مع كل رشفة يتجاذبان حديثاً عن حال البلاد والعباد..!
التاجر انسان.. وموظف القطاع العام انسان وموظف البنك ومديره ومُساعدوه من بنى الانس ولا فرق بينهم جميعاً وكلهم متساون فى الحقوق والواجبات ويعيشون ذات الظروف العامة واحوال البلد البائسة..! اذا لماذا كل هذا التضيق على شرائح مجتمعية هى من ساهمت وتساهم فى نهضة قطاع البنوك والمؤسسات المالية والافراضية بمجموعها ويحسب لهؤلاء تمويلهم جزئياً لتلك المؤسسات وان الارباح الطائلة التى تحققها نهاية العام بملايين الدولارات يساهم بها الموظفون العموميون الى جانب شرائح وفئات اخري وكعائدات عن انشطة متنوعة ومتعددة تقوم بها هذه المؤسسات تعود عليها بالأرباح الطائلة..! ما اود الاشارة الية ان لشريحة الموظفين العمومين من يتقاضون رواتبهم من البنوك حقوق ابسطها التعامل بإنسانية واتخاذ ما يلزم لأجل التخفيف عن كواهلهم واعتقد ان سلفة مالية بقيمة زهيدة تختصم من الراتب لاحقا لاتؤثر على البنك ولكنها تنعكس ايجاباً على محتاجها فلا نعلم مدي الحاجة الماسة لها وإلا ما تحمل موظفنا الوقور عبء محاولة بائسة غير مضمونة النتائج..! من هنا على القائمين على المؤسسات المالية والاقراضية والتمويلية ألا تألوا أي جهد ممكن ومستطاع ومتاح من أجل التخفيف من الواقع المأساوي السائد الذي تعيشه شريحة لا يستهان بها وحفظ كرامتها وماء وجهها والا يسمح بالمطلق بالتعامل مع هؤلاء و غيرهم كمتسولين..! حقيقتهم تنافى هذا الواقع وترفضه جملة وتفصيلا ولكن سوء الأوضاع وتردي الاحوال واحتدام الازمات التى نتجت بفعل حالة الانحدار الوطني العام الى أسوء أحوالها دفعهم عنوة ودون رغبتهم للوقوف امام بوابات البنوك وموظفيها تتقاذفهم القوانين واللوائح تارة وتارة أخري أهواء ذاك المدير الموقر او مساعده المبجل..!.

اخر الأخبار