الحرية الدينية: هل ستسمح إسرائيل أيضاً لمسلمي غزة للصلاة بالقدس ؟

تابعنا على:   23:26 2014-04-17

ريهام عودة

يحتفل الإخوة المسيحيون في كل عام بالأعياد المجيدة و يقيمون الصلوات المقدسة في الكنائس التاريخية المنتشرة في كافة أنحاء أراضي السلطة الفلسطينية مع تقدير و احترام كبير من قبل إخوانهم المسلمين و تحت إشراف السلطات الفلسطينية المحلية التي تحاول أن تحافظ على أمن وحماية المسيحيون من أية تهديدات أمنية قد تحدث من قبل بعض المتطرفين.

إن العلاقة بين المسلمين و المسيحين في فلسطين تتسم بالتعاون و الاحترام المتبادل بينهم، فجميعهم يوحدهم حلم الدولة المستقلة و الوطن الحر و هم يحرصون في كل مناسبة على تبادل التهاني و التبريكات بينهم أثناء فترة الأعياد الوطنية و الدينية ، فالمسيحي الفلسطيني دائماً ما يبادر بتهنئة أخيه المسلم في أعياده الدينية، لدرجة أن بعض أفراد الطوائف المسيحية في فلسطين قد يمتنعون عن الطعام و الشراب خلال شهر رمضان الكريم و ذلك من أجل مراعاة مشاعر إخوانهم المسلمين الذين هم أيضاً يحتفلون أحياناً مع المسيحيون بأعياد الميلاد المجيدة وذلك عندما يتسابقون معهم بشراء شجرة عيد الميلاد الخضراء التي يزينون بها منازلهم من أجل ادخال الفرحة و البهجة لقلوب أطفالهم.

لا أحد يستطيع أن يُنكر مدى قوة العلاقة بين المسلمين و المسيحيين في فلسطين خاصة المتواجدين في قطاع غزة حتى لو حدث بالسابق بعض انتهاكات صغيرة ضد الطائفة المسيحية من قبل بعض المتطرفين في القطاع و التي استطاعت حينذاك حكومة حماس القضاء علي بعضها و معالجتها بكل حكمة و اتزان، إلا أننا نستطيع القول بأن المسلمين و المسيحيين في القطاع يعانون أيضاً من نفس الحصار و الحروب و النزاعات و أحداث العنف الناتجة عن قضية الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي.

لكن ما يثير الانتباه والدهشة هو الأخبار المتواردة عبر وكالات الأنباء في كل عام حول سماح اسرائيل لأفراد الطائفة المسيحية للسفر إلي القدس و الضفة الغربية عبر معبر إيرز و ذلك أثناء فترة الأعياد المسيحية ، مما يدعونا هنا إلي التساؤل و تحليل طريقة تعامل الحكومة الاسرائيلية مع سكان قطاع غزة التي تتخذ في بعض الأحيان طابع التمييز والتفرقة بين المسلمين و المسيحيين بالقطاع من جهة السماح للبعض بحرية العبادة وممارسة شعائرهم الدينية في القدس ومنع البعض الأخر من ممارسة نفس الحرية التي تؤكد عليها المادة رقم 18 للإعلان العالمي لحقوق الانسان.

لذا أرى هنا أنه عندما تسمح إسرائيل للأخوة المسيحيين في القطاع للسفر إلي القدس و بيت لحم من أجل ممارسة شعائرهم الدينية في الكنائس المقدسة لديهم ، فإن إسرائيل لا تفعل ذلك تجملًا عليهم بل هو واجب و مسئولية أخلاقية و انسانية يجب أن تتحملها الحكومة الإسرائيلية أمام الجميع وذلك حتى لا يتم اتهامها من قبل الغرب بأنها دولة عنصرية تضطهد حقوق المسيحيين و تعيق حريتهم الدينية. وقد تطبق اسرائيل تلك الإجراءات أيضاً في الضفة الغربية حيث سمحت في السنوات الماضية لمسلمي الضفة الغربية بالذهاب إلي القدس خلال أشهر رمضان السابقة و ذلك من أجل الصلاة في المسجد الأقصى.

لكن الغريب هنا أنه عندما يتم التحدث عن مسلمي قطاع غزة فإن المعادلة تتغير كلياً و تنقلب رأساً على عقب و لا يتم تطبيق تلك الاجراءات التسهيلية للسفر مع مسلمي القطاع، بالرغم أنها قد تُطبق أحياناً بشكل انتقائي و نادر جداً مع بعض مسلمي القطاع الذين لديهم ربما أقارب في القدس.

وهنا أطرح سؤال تعجبي؛ وهو ألم يحن الوقت لأن تسمح اسرائيل لمسلمي القطاع بالسفر أيضاً الي القدس من أجل ممارسة شعائرهم الدينية بحرية أسوةً بإخوانهم المسيحيين ؟ أما أن جميع مسلمي القطاع معاقبون حتى إشعار أخر !

لا أحد يستطيع أن يتجاهل أن إسرائيل قد تسمح أحياناً لأهالي القطاع بالسفر عبر معبر ايرز ضمن اطار الحالات الإنسانية، لكن ما أطرحه هنا في هذا المقال هو لماذا لا يُسمح للمواطنين المسلمين في القطاع بحرية العبادة و ممارسة شعائرهم الدينية بالقدس و ليس فقط خلال شهر رمضان و لكن أيضا في أيام الجمعة.

إن الحجة الإسرائيلية التي كانت تتحجج بها اسرائيل بالسابق حول عدم اعطائها تصاريح تنقل لمسلمي القطاع أثناء الأعياد الدينية كانت حجة أسر الجندي الإسرائيلي جلعاط شاليط و الذي فرضت اسرائيل منذ أسره حصار مشدد على قطاع غزة ، لكن الأن شاليط تحرر ! فهل يمكن تحرير أيضا مواطني القطاع !

و إذا كانت هناك أسباب أمنية أخرى تجعل الحكومة الإسرائيلية تتشدد في تعاملها مع قطاع غزة ، فهل عندما تسمح اسرائيل على الأقل لنساء وشيوخ القطاع للصلاة بالقدس سيؤثر ذلك على أمن إسرائيل ! هل ممكن أن تتصالح إسرائيل مع أهالي القطاع و ترفع عقابها الجماعي عنهم ؟ و هل يمكن أن تتحقق المعجزة و أن تسمح اسرائيل بدخول أعداد كبيرة من مسلمي القطاع و الغير مصنفين ضمن الحالات الانسانية من أجل ممارسة حقهم الطبيعي في الصلاة بالمسجد الأقصى ؟

ربما أطالب بشبه المستحيل ، لكن لا أحد يستطيع أن يتجاهل حقوق جميع البشر في حرية العبادة والعقيدة سواء كان هؤلاء البشر أصدقاء أم أعداء .

اخر الأخبار