ربحية أبو عون : بارادة وتحد وبمساعدة جمعية الشبان المسيحية تخطيت ظروفي القاسية

تابعنا على:   18:47 2014-04-16

أمد / القدس - ديما دعنا - " ... هي نموذج للارادة والتحدي والصمود وشكلت عنوانا جديدا للحياة بايمانها بأن الاعاقة لا تلغي الطاقة، وان الاعاقة هي بالفكر وليس بالجسد ، فرغم اصابتها بشلل رباعي افقدها القدرة على الحركة الا انها لم تستسلم لمرضها وواصلت مشوار الحياة بمساعدة جمعية الشبان المسيحية التي وضعتها على بداية الطريق

إنها السيدة ربحية توفيق أبو عون 42 عاماً من قرية جبع قضاء جنين، كان هاجسنا بأن القيود والموانع الإجتماعية ، قد لا تتيح لها ان تتحدث لنا بحرية وصراحة عن تجربتها والظروف التي مرت بها، ولكن كل شكوكنا وهواجسنا تبددت حين بدأت حديثها بثقة وصراحة عالية ، حيث قالت بأن جمعية الشبان المسيحية لعبت الدور الحاسم في تغير حياتها وجعلت منها إنسانة فاعلة في المجتمع فلولا الجمعية لكانت مجرد حطام بشري مهمل ، ولكن هذا النجاح رغم ان جمعية الشبان كانت الأساس فيه الا انه لولا إرادتها وطموحاتها لما تمكنت من النجاح وان تصبح عضواً في بلدية جبع، التي لم تصل الى ذلك عبر "الكوتا النسوية"، بل بجهدها وعملها ومثابرتها..

بداية الحكاية

 الحكاية بدأت مع السيدة أبو عون عام 1991 عندما ألقت إحدى طائرات الإحتلال قنابل مدمعة على القرية سببت لها إعاقة رباعية وعدم القدرة على الحركة ...وهذا استدعى نقلها الى مركز ابو ريا في بيتونيا من أجل العلاج الطبيعي والوظيفي ، وتقول : " كانت تجربتي هناك صعبة كأنثى بين رجال، وعدم قدرتي على خدمة نفسي ، وهناك تعرفت لأول مرة على جمعية الشبان المسيحية كبرنامج للتأهيل ، حيث حضر الاختصاصي محمد محاجنة من الجمعية وعرفني على خدمات البرنامج.

وتضيف : ومنذ ذلك الوقت بدأت رحلتي مع جمعية الشبان حيث أن اجواء الثقة والتعامل الإنساني والمتابعة الدائمة والحثيثة مكنتي من التفريغ والتحدث حول مشاكلي ومشاعري والضغوط النفسية التي أعاني منها عبر الجلسات الفردية، والتي كان لها الأثر الحاسم في إحداث نقلة نوعية في حياتي من حيث إخراجي من دائرة العزلة والإنطواء وتجدد الأمل ، وهذا ترافق مع قيام الجمعية بعمل تعديل سكني يتلاءم مع حالتي كإنسانة تعاني من إعاقة حركية، تعديل للحمام والمطبخ ،مما سهل علي الكثير من اموري الحياتية من حيث قدرتي على خدمة نفسي وتحسين ظروفي النفسية..

                              صدمة أخرى

توقفت ابو عون عن حديثها للحظات وتابعت قولها : " ما أن خضعت للعلاج والرعاية الصحية وتجاوبت معها حتى أصبت بصدمة اخرى حيث فقدت ابني ( عام ونصف العام ) وذلك بعد عام واحد من اصابتي ، وانتكست من جديد وشعرت بالضعف والخنوع ورفضت الاستجابة للعلاج ، الا ان افراد الجمعية لم يتركوني وحدي فوقفوا الى جانبي وكانوا خير ملاذ لي للتفريغ عما يجول في خاطري...أكثر ما كنت أبوح به لأي إنسان ملتصق او قريب مني حتى استجبت للعلاج.

استجابت للعلاج وبدأت في الاندماج في المجتمع حيث تقول : لم تتوقف مساعدات الجمعية على التعديل السكني والعلاج النفسي بل جعلتني أنتسب الى دورة للخياطة في بلدة سيلة الظهر عام 1994 لمدة 3شهور، وساعدني ذلك في الخروج من المنزل حيث كنت منطوية على نفسي وأرفض رؤية احد او الخروج من المنزل ، وخلال الدورة تعرفت على الكثير من السيدات وخرجت من الحالة التي كنت أعيشها.

لعبت جمعية الشبان المسيحية دورا كبيرا وفاعلا في حياة ابو عون التي قالت : تقدم الجمعية خدمات حقيقية للناس خاصة ممن يعانون من اعاقات وصعوبات في الدمج والتأهيل المجتمعي ، لذلك ادعو كل انسان لديه مشكلات صحية او نفسية او مادية عليه ان يتجه الى جمعية الشبان المسيحية لانها تحافظ على الخصوصية وترشده الى الطريق الصحيح ..

                    دور فاعل وعضو مجلس بلدي

انخراط ربحية في المجتمع جعلها مصدر ثقة للناس في بلدتها حيث قالت : نتيجة للثقة العمياء عينت كعضو في المجلس البلدي وكل اهل البلدة وقفت معي ودعمتني حتى ان أحد اعضاء المجلس قال: " ان سبب نجاحنا هو أم أمير " ولم أشعر ان هناك تمييزا كوني امرأة بل على العكس بل كان هناك دعم كبير لي ولافكاري حيث ساعدت الكثير من النساء وذوي الاحتياجات الخاصة ، فما عشته في حياتي كان كفيلا بأن أساعد به كل من يعيش ظروفا صعبة خاصة من النساء .

ولم يتوقف الامر عند ذلك حيث واصلت طريقها بارادة وتحد ولم تستسلم للاعاقة ، حتى فتحت محلا صغيرا لها بجانب بيتها حيث قالت : اخذت قرضا من الشؤون الاجتماعية وفتحت محلا لبيع ملابس للاطفال والادوات المنزلية واصبح لي دخل خاص بي اصرف به على عائلتي.

وتابعت قائلة :لن اخفي عليكم ما واجهته من صعوبات خلال عملي في المجلس البلدي وكلام الناس عني لكن لم أكترث ابدا فالبذرة التي تُزرع بأرض خصبة يصعب اهتزازها ، فالانسان عليه الا يخجل طالما يمشي على الدرب الصحيح بما لا يغضب الله ..

وتختم ربحية ابو عون كلامها قائلة " أردت من خلال ذلك ان اترك بصمة في هذه الحياة لا ينساها الناس بعد وفاتي، حيث استطعت تجاور محنتين قاسيتين واجهتهما بارادة وعزيمة لأخدم غيري وأساعد كل من يعاني من مثل ظروفي ومن اصعب من ذلك " ..

اخر الأخبار