الولايات المتحدة وسيط مخادع يُدير الأزمات

تابعنا على:   19:47 2017-11-19

سفيان الشنباري

تشير الدلائل بأن رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية على مر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كانوا داعمين لتوجهات ومواقف إسرائيل, وملتزمين بحماية أمنها, فالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية يحكمها البعد الديني في رسم علاقة الولايات المتحدة الأمريكية باليهود, ولا ننسى وصف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن العلاقة بين البلدين وحديثه عن قدسية إسرائيل بالنسبة لأمريكا, وتأكيده بأن إسرائيل هي أرض شعب الله المختار, فالولايات المتحدة تصور دائما إسرائيل بالضحية, مؤكده دائما في اي عملية تسوية بأن على الجانب الفلسطيني أن يعترف بيهودية إسرائيل, قبل الشروع بإقامة دولة فلسطينية, ومن ثم العمل على فكرة حل الدولتين, فذلك الاعتراف له أثار ومخاطر على الشعب الفلسطيني بإلغاء حقوق مواطني الأراضي الفلسطينية المحتلة عام1948م, وطردهم من الداخل, وطمس حقوقه المشروعة.

لذلك سعت الولايات المتحدة وإسرائيل من خلال هذا الاعتراف تعطيل عملية التسوية, لمعرفتهما رفض الجانب الفلسطيني لهذا الاعتراف, فهدف إسرائيل وأمريكا هو اقتناص الاعتراف من الجانب الفلسطيني, ومن ثم التنصل التام لإنشاء دولة فلسطينية على حدود عام1967م.

نرى مؤخرا بعد تنصيب دونالد ترامب رئيسا لأمريكا, والتي اعتبرت مواقفه مندفعة وداعمة لإسرائيل, حين تناول قضية التسوية السياسية في ما يتعلق بحل الدولتين, أشار ترامب بأن مسألة حل الدولتين غير ممكن طرحها, طالما الجانب الفلسطيني لم يعترف بإسرائيل كدولة يهودية, معتبراً قضية حل الدولتين ليس الحل الوحيد لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي, الأمر الذي اعتبر مخالفا وتخلي فعلي عن ثابت من ثوابت السياسة الأميركية منذ انطلاق عجلة التسوية بين الجانبين في مؤتمر مدريد 1991, المبنية على حل الدولتين.

وقد لاقت تصريحاته قبولا لدى الجانب الإسرائيلي, الرافض لفكرة حل الدولتين من الأساس, واليوم يكشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته للسلام ضمن صفقة القرن, والتي بدأت نوعا ما تتكشف خيوطها, بشأن مسألة الدولة الفلسطينية, حيث تتناول الخطة إقامة دولة فلسطينية ولكن ليست دولة بمفهومها القديم، وهو ما ترغب به الحكومات الإسرائيلية التي لا تبحث سوى عن حكم ذاتي للفلسطينيين يديرون شئونهم الخاصة دون سيادة على الأرض، والمياه، والمعابر، والعلاقات الخارجية, وبعيدا عن تحمل إسرائيل أعبائهم, في المقابل تعمل إسرائيل على ثلاث مسارات متوازية, التي من شأنها تحدد معالم الدولة الفلسطينية المقبلة إن أنشأت, وهو إتمام بناء الجدار الفاصل, وتوسيع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلة, ومن ثم ضم تلك المناطق لسيادتها, بفرض وقائع جديدة, وعلى الجانب الفلسطيني أن يوافق عليها بحكم الأمر الواقع, ومن ثم قد يتم التوافق على وجود دولة فلسطينية منزوعة السلاح أشبه بالحكم الذاتي منزوع السيادة.

فالخطة الأمريكية جاءت لتعزز الموقف الإسرائيلي بعدم إقامة دولة فلسطينية على حدود حزيران 1967, بل دولة منقوصة قد تقام على ارضي خارج إطار خريطة فلسطين ضمن صفقة تبادل الأراضي كتنازل الفلسطينيون عن مساحة من الضفة الغربية مقابل تعويضهم بأراضي هنا أو هناك, حيث يعتبر الإسرائيليون الضفة الغربية ضمن المساحة الحيوية لهم, ويؤكدوا دوما في أي عملية تسوية بعدم إخلاء المستوطنين من الضفة الغربية, وهذا ما أكده الرئيس الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حين قال: عندما يتوجب القيام بحل سلمي لابد أن يضمن بقاء المستوطنين في بيوتهم" رافضا فكرة إخلاءهم من الضفة الغربية.

وعليه يعتبر الوسيط الأمريكي في عملية التسوية, على مر العقود بالوسيط الغير نزيه, لتواطئه وانحيازه لإسرائيل المطلق, دون البحث عن حلول جذرية وحقيقية, بقدر ما سعت الإدارة الأمريكية إلى إدارة الصراع وليس حله, مما أعاق التوصل إلى تسوية حقيقية, حالت دون إقامة دولة فلسطينية.

اخر الأخبار