الصمود المقاوم

تابعنا على:   01:40 2016-12-07

د. مصطفى البرغوثي

هناك وسيلة للرد على التوسع الإستعماري الإستيطاني الاسرائيلي ، ولإفشال أهدافه.

ولتحديد الوسيلة لا بد من فهم الجوهر الإستراتيجي للإستيطان .

الاستيطان هو سلاح الحركة الصهيونية منذ نشأت لتحقيق هدفين: الإستيلاء على الآرض وتهويدها، ومن ثم محاولة تهجير وترحيل سكانها.

وبدون الجمع بين الأمرين لا يتحقق هدف الإستيطان .

عندما صدر مشروع التقسيم عام 1947 تضمن اقتراح اقامة دولتين، لكنه أعطى للفلسطينين 44% فقط في حين كانوا يملكون 93% من أرض فلسطين،و أعطى لليهود 54% وهم لم يملكوا في حينه سوى 7% من للآرض .

وعندما قامت دولة اسرائيل عام 1948، كان العرب يملكون أكثر من 80% من الآراضي التي أقيمت عليها ، لكنها إستولت قسرا على الأراضي بالقوة، فلم يعد الفلسطينيون يملكون سوى 2.5% من تلك الاراضي اليوم.

الفلسطينيون الذين اجترحوا مأثرة الصمود ولم يرضخوا للقمع والتهديدات وتحملوا التضحية وبقوا في الأراضي التي إحتلتها اسرائيل عام 48 صاروا اليوم 20% من سكانها.

وحسب علمي فإن سكان الناصرة الأصليين والذين صودرت أراضيهم وخصص بعضها لبناء مستعمرة " الناصرة العليا" ، عادوا واشتروا بأموال جنوها من عرق جبينهم 25% من بيوت تلك المستعمرة، وهم باقون كالشوكة في حلق من أراد افناءهم.

باختصار المشروع الصهيوني لا يكتمل بالإستيلاء على الأراضي فقط، بل وبترحيل أصحاب الارض ايضا.

ولذلك يغدو الصمود على الأرض ، مهما كان الثمن، والبقاء في فلسطين هو المهمة الأولى والأساسية لإفشال المشروع الرامي لتصفية الحقوق الفلسطينية.

غير أن الصمود السلبي لا يعني سوى تحمل الظلم والمهانة. أما تغيير الواقع فيتطلب صمودا مقاوما وحيويا.

وهذا ما أتقنه الشعب الفلسطيني بعد تجربة عام 1948 في الجليل والمثلث ويافا وحيفا وعكا والنقب. وهو ما أتقنه الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1967، بعد أن اجترحوا مأثرة أخرى بافشال محاولات ترحيلهم وتكرار ما جرى عام 1948 .

ومنذ ايام الاحتلال الأولى فهم الفلسطينيون أهمية الجمع بين الصمود على الأرض ومقاومة إجراءات الإحتلال.

واستطاعوا عبر شبكة واسعة من المنظمات المدنية والاجتماعية والسياسية نسج صمود متين خلق قاعدة الإنتفاضة الشعبية الآولى التي كرست مباديء الإعتماد على النفس، وتنظيم النفس، وتحدي اجراءات الاحتلال الظالمة، واستطاعت أن تغير ميزان القوى على الارض.

اليوم يركز الاحتلال على القدس والآغوار وكافة أراضي ما يسمى بمناطق "C" لمصادرتها وتهويدها لضمها. ولتحقيق ذلك يسعى إلى تهجير سكانها أيضا. ومجموع هذه المناطق يصل الى 62% من مساحة الضفة الغربية.

الإستيطان ليس قدرا لا مرد له. بل يمكن مقاومته وإفشاله ولكن أول وأهم الوسائل هي دعم صمود الفلسطينين المهددين به.

ذلك ما يجب أن يكون على رأس أولويات منظمة التحريروكل الوزرات والمؤسسات الحكومية والمنظمات الأهلية، وذلك ما يجب أن تخصص له الإمكانيات والموازنات.

و الصمود الشعبي يجب أن يعزز بحراك دولي لمواجهة الاجراءات الاسرائيلية و تعزيز حركة المقاطعة ضدها و لجعل العالم يفهم أنه لا يستطيع مواصلة الحديث المنمق عن السلام و "حل الدولتين" وهو يراقب بصمت ذبح إمكانية قيام دولة فلسطينية على يد الحكومة الإسرائيلية.

الصمود واجب وممكن، وأقوى أنواع الصمود، الصمود المقاوم.

الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

 

اخر الأخبار