وانتصر الكايد

تابعنا على:   15:41 2016-08-25

د.خالد معالي

أخيرا؛ زأر الأسير بلال الكايد بنشوة النصر؛ كالأسد في وجه محتليه ومغتصبي أرضه وشعبه؛ بعد أن كان قد حصن نفسه مسبقا ضد دعاة الهزيمة وأفكارها؛ وما الأسير الكايد  إلا  نتاج تفاعل معقد وخلاق لظروفه المحيطة، والتي رد عليها متحديا؛ بمعدة خاوية؛ وانتصر؛ بصورة بطولية نادرة قل نظيرها.

من قال أن الكف لا ينتصر على المخرز؟! الأسير الكايد ها هو ينتصر، وسيبنى على انتصاره لاحقا، وهو مفخرة للحركة الأسيرة والشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة؛ شاء من شاء، وأبى  من أبى.

ما أحلى وأطيب، وما أجمل تلك اللحظات، التي ينتصر فيها ويغادر الأسير بلال الكايد سجنه إلى غير رجعة، وما أجمل تلك الأوقات التي يستقبل فيها استقبال الأبطال كما استقبل من قبل الأسير المحرر محمد القيق؛ وما الحياة الدنيا أصلا إلا لحظات عز وفخر، ونصر يكون للحياة وقتها فيها طعم ومعنى؛ بتحقيق الانجازات والنصر ولو بالنقاط.

انتصر  الكايد على منظري؛ ما باليد حيلة؛ وهو شكل نموذجا لجوع الوطن بدل جوع البطن، وغدا بطلا  مغوارا في نظر كل أحرار وشرفاء العالم؛ كيف لا وهو خاض بمفرده معركة الجوع والموت وانتصر نصرا مؤزرا.

الأسير الكايد؛ كأي فلسطيني؛ كانت تميل نفسه الإنسانية بطبيعتها إلى الهدوء والراحة؛ إلا أنها دفعت دفعا لتخطي ما تميل له؛ مجبرة  تحت ضغط ظروف  قاهرة معينة؛ وهي سلب حريته؛ أن يضرب عن الطعام ل 71 يوما احتجاجا على مواصلة اعتقاله بعد انتهاء محكوميته البالغة 14 عاما.

الصبر على  الجوع واستلهام تجارب من سبقوه ومعرفة مواقع القوة والضعف فيها، والتخطيطٍ السليم الحكيم والدقيق؛ وأخذ واستسقاء الدروس والعبر الغزيرة منها؛ كان سبب انتصار الكايد بالنقاط على سجانيه.

انتصر الكايد على سجانه وعلى أصحاب فكر الهزيمة؛ بقوة الإيمان والإرادة والصبر، وهي أسلحة متوفرة بكثرة لدى من يؤمن بوطنه ويحبه.

التغلب على حالة القهر والخوف من ممارسات السجان؛ وبالتخطيط الدقيق وطويل النفس والمدروس انتصر  الكايد، ومنذ البداية رفض الإصغاء لقصار النفس، ورفض تبريرات الهزيمة والنقوص، من أن العدو السجان لا يمكن هزيمته؛ وعرف أن دعاة الهزيمة ليس لهم مكان في العظمة والتاريخ.

لو كان الأسير المضرب الكايد؛ قد دخل إلى نفسه دخان الهزيمة؛ لما استطاع أن يحقق ما حققه  من عدم تمديد حبسه، ولكنه كان يؤمن ويدرك منذ البداية أن النصر صبر ساعة، وان السجان مهزوم من داخله وسهل جدا هزيمته؛ وهو ما حصل.

صحيح أن المعركة لم تنته بعد؛ حيث بقي العديد من الأسرى مضربين عن الطعام؛ لكن ما رسمه وشكله الكايد عبارة عن مدرسة ثورية ونضالية عظيمة، وسيبقى مفخرة لكل حر وشريف في العالم، فهو لوحده أثبت أن فكر المقاومة منتصر، وسيبقى منتصرا؛ برغم  شح وقلة العتاد الذي يعوض بقوة الإيمان والإرادة، والتخطيط السليم.

أخيرا؛ نبرق تحية عز وفخار للأسير بلال الكايد، ونهنئه بانتصاره، وتحية مباركة وطيبة لبقية الأسرى المضربين، ولأسيراتنا المؤمنات بعدالة قضيتهن، واللواتي ينبن عن امة المليار ونصف مسلم، ويكشفن عجزها وقلة حيلتها وهوانها على الناس؛ بدل أن تكون "خير امة أخرجت للناس".

 

 

اخر الأخبار