هزيمة "القطبية السياسية" ممكنة جدا في فلسطين!

تابعنا على:   11:07 2016-07-28

كتب حسن عصفور/ لو حقا صدقت التقديرات وأكملت قوى "اليسار" الفلسطيني الرئيسية ( الجبهتان والحزب والمبادرة)، مع بحث جاد وموضوعي عن شخصيات ذات مصداقية حقيقة  لتشكيل "قائمة إنتخابية" موحدة لخوض الانتخابات البلدية المقبلة، سيكون ذلك وحده، أهم عنصر سياسي منتج منذ سنوات، وسيكون عاملا ذي قيمة لا يقدر كثيرا أثرها الحقيقي آنيا..

نعم، الاستقطاب بات مرضا في المشهد الفلسطيني، بين حركتي فتح وحماس، وبعض ما لهما من تأثير عام، لم ينتج عنه سوى كل "ضرر وطني" للقضية والشعب، وكرس ثقافة ومفاهيم غريبة جدا عن الشعب وثقافته، تعصبا وعصبوية وتمحورا، أدى فيما أدى الى أخطر ظاهرة لحقت بالقضية الوطنية الفلسطينية وحدة ومصيرا، الانقسام - التفاسم، وما أنتجه من علاقات محورية محلية وإقليمية ودولية لم تخدم فلسطين، بل ألحق كثيرا من الضرر والإساءة وخدمة المشروع الاحتلالي مباشرة ..

وبلا جدال، فإن "شرذمة" وتفتت وفئوية قوى "اليسار" الفلسطيني، و"إنعزالية" حركة الجهاد السياسية، والتي تعمل كأنها "فصيل خاص"، لا يبحث مشاكل مع هذا وذاك، رغم أنها لم تنجح بما إعتقدت، كان سببا موضوعيا في زرع ثقافة الاستقطاب السياسية في فلسطين، بكل منتجها الكارثي ..

اليوم، تبدو هناك بعضا من طاقة أمل، قد تكون صغيرة، أو بارقة يظهر نورها من بعيد، لكن حراكا نحوها بدأ، وفقا لما جاء من قطاع غزة..

نعم، قوى اليسار وشخصيات وازنة سياسيا إجتماعية، تستطيع أن تعيد لفلسطين توازنا سياسيا هاما جدا، بل ويمكنها أن تعيد رسم الخريطة برمتها، وتحدث تغييرا جوهريا في منحى المشهد بكاملة، وتبدأ كعنصر مقرر حقيقي، خاصة لو أنها حددت قواعد عمل متقاربة وطنيا وإجتماعيا مع حركة الجهاد، التي من المفترض انها أكثر قربا لليسار الوطني من قطبي الأزمة والانقسام (فتح وحماس)، وعلى قوى اليسار أن تفتح خطا ساخنا وسريعا مع قيادة الجهاد كي تكون ضمن قوى الدعم والإسناد إن لم تشارك، وقوة فاعلة لو قررت المشاركة..

لم يعد خافيا، وفق أي حالة استطلاع رسمية أو شعبية، من أي جهة كانت، أن غالبية شعبية فلسطينية تعيش أعلى درجات التذمر والرفض والاستياء، من سلطة الضفة رئاسة وحكومة وأجهزة وفصيلا حاكما، حركة تذمر وغضب كامن، تحجبها بشكل أو بآخر قوة الإحتلال التي تمثل "جدارا واقيا" من غضب الشعب، كون المواجهة الشعبية مع "سلطة الضفة بمكوناتها المختلفة" تمثل حالة إحراج في ظل الوجود الإحتلالي، رغم ان مؤشرات الغضب لا تخفى أبدا..

وقطاع غزة، لم يشهد يوما في تاريخه رفضا لقوة سياسية وغضبا وتمردا كما هو لسلطة حماس الأمنية في القطاع، وتلك مسألة لا تحتاج لقياس، ويكفي مؤشرا لها، مدى الهلع الذي يصيب حماس، قيادة وأجهزة مع أي تحرك شعبي أو خروج مسيرة، حتى تبدأ حركة قمع وارهاب غير مسبوق..وبدون البحث في وسائل الاتصال الإجتماعي عن حركة "التمرد والغضب" من سلطتي البؤس والوكسة السياسية، فما هو ظاهر للعيان كاف..

لكن قوة "التمرد والغضب" من قطبي النكبة الانقسامية، لا تكمتل خطاها نحو فرض فعل ملموس، لغياب أداة تكون "قبلة سياسية" للمتمردين المتذمرين الغاضبين، فاليسار القديم بفصائله وشخصياته ومكونه العام، لم يقدم "النموذج البديل الايجابي"، بل ربما عكس ما هو مطلوب، من حالة إنقسامية تنافسية ارباكية تسود غالب قواه، وهناك اصابع الاتهام نحو بعض من مكوناته بـ"الذيلية" لهذا أو ذاك من طرفي النكبة الانقسامية، لذا لم يمثل لهم "ملاذا"..

وبروز قوى أو تيارات جديدة مصابة بخوف وهلع يفوق المنطق، تحت ذريعة عدم تفتيت القوى والجهود والفصيل، وهذه هي "الكذبة السياسية الكبرى"، فالانقسام السياسي هو الظاهرة الحقيقة في فلسطين، ولم يسبق أن عاشتها كما هو اليوم، الى جانب أن الغضب الداخلي لا قيمة له كقوة تغيير دون البحث عن "أداة الفعل" التي تمثل "أملا مختلفا"، بعيدا عن "النمطية السياسية التقليدية"، ولو عاد البعض لتأسيس وتشكيل حركة فتح ومن ثم فصائل العمل الوطني لأدرك أن المسألة تحتاج إرادة وقرار، وليس عددا وعدة..

وفي أوروبا اليوم، وبلا سابق إنذار تولد حركات سياسية شبابية بالغالب، دون خبرة كبيرة تهز عروش الحركات التقليدية، اليونان وأسبانيا وأخيرا ايطاليا، ثلاث قوى هزت عرش "الجمود والكسل السياسي"..قادة لا يبحثون عن "ذرائع ومبررات لكسلهم وخمولهم"، قرروا الانطلاقة بما هو ممكن، ولكن بروح تغيير حقيقية..فكان لهم بعضا مما أرادوا فوزا وحضورا..

فلسطين، الوطن، والمجتمع، تربة خصبة جدا، أكثر كثيرا من أوروبا لخلق أدوات تغيير حقيقية، دون التوقف عند "مقدس وهمي"، الوطن فوق الفصيل، وليس العكس السائد، الفصيل أولا..

نعم، هناك كل الظروف متوفرة لتشكيل "قطب وطني ديمقراطي، يساري واوسع أيضا، لو تخلت بعض من ابتلي بهم الشعب  عن "نرجسية الذات الحزبية والشخصية"..أن تؤمن تلك الإطر أنها تملك قوة تأثير تفوق كثيرا ما لديها الآن، لو أنها قدمت "نموذجا سياسي إجتماعيا مختلفا حقا وليس خطبة وتصريحا على باب محطة إعلامية أو عبر موقع تواصل إجتماعي"..

نعم بالإمكان قبر القطبية السياسية الى الأبد، لو ان البعض أدرك أنه يستطيع حقا..

فلسطين شعبا ومكونات يجب أن تهزم "القطبية الضارة" وتدفنها، وتعيد الإشراق لحركتها الوطنية، سياسية وثقافة وسلوكا عاما بلا تمييز طائفي أو مجتمعي ..

فلسطين كما هي فلسطين وطن لكل مواطنيه..لا تمييز الا بالعطاء له!

هل يقترب "الأمل السياسي" من الحضور..نعم ..لو ولكن..فيما سبق قوله!

ملاحظة: كيف يمكن الحديث عن "وساطة بلير" بين حماس وإسرائيل، دون غضب من قبل "الشرعية الفلسطينية"، متى يدرك المفترض أنهم ممثلي "الشرعية" أن ذلك تكريسا للقسمة الوطنية وضررا ساما بالممثل الشرعي الوحيد (م.ت .ف).

تنويه خاص: أمريكا تتفهم كل ما تقوم بها السلطة التركية من قمع وطرد وايقاف عمل ومنع سفر، وأخيرا إغلاق كل وسائل الاعلام التي لا تقبل "ولاية الفقيه الجديدة"!

اخر الأخبار