أفيقوا يا أولي الأمر في شقي الوطن

تابعنا على:   14:19 2016-02-13

د. جولتان حسن حجازي

طالعتنا المواقع الإخبارية اليوم بخبر انتحار شاب من خانيونس حرقاً، ولم يكن هذا الحادث الأول، حيث تشير التقارير الصادرة عن الشرطة الفلسطينية إلى تزايد حالات الانتحار لاسيما بين الشباب في قطاع غزة، ورافق ذلك آلاف التغريدات والبوستات على مواقع الاعلام الاجتماعي ما بين من يلوم وينتقد هذه الفعلة الشنيعة التي ستقودهم حتماً إلى النار، وما بين من يحاول تحليل الظاهرة والوصول إلى تحميل المسؤولية لأولي الأمر في شقي الوطن، لأنهم تقاعسوا عن تلبية الحد الأدني من الحاجات الإنسانية ليس لهؤلاء المنتحرين فقط، بل لكل قطاعات الشعب لاسيما قطاع الشباب وقطاعات المهمشين والمسحوقين من أبناء هذا الشعب.

بكل أسف هؤلاء الشباب لم يكونوا يوما أولوية في التخطيط الاستراتيجي لبرامج وخطط أولي الأمر، والدليل ما آلت إليه أمورهم، حيث تشير التقارير إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الفلسطيني في قطاع غزة لمستوى غير مسبوق، كما تشير الدراسات والأبحاث إلى تعرض هؤلاء الشباب لضغوط اقتصادية واجتماعية قاهرة، ففي دراسة (حجازي، 2016) حول الشباب الفلسطيني في قطاع غزة، أشارت النتائج إلى معاناة (69.27%) منهم من الشعور بالاغتراب، والاغتراب هو اضطراب نفسي يشكل خطراً يهدد المجتمع بأسره، لأنه يعني انسلاخ الإنسان عن المجتمع وعن واقعه وذاته وقيمه وثقافته، فهو انفصال اجتماعي، وهو عدم رضا عن الواقع، فالشخص المغترب لا يحس بفعاليته، ولا أهميته، ولا وزنه في الحياة، ويشعر تبعاً لذلك بانعدام تأثيره على المواقف الاجتماعية التي يتفاعل معها، ويشعر بأنه يفتقر إلى موجه لسلوكه، وأن أنساق القيم التي يخضع لتأثيرها أصبحت نسبية ومتناقضة وغامضة ومتغيرة باستمرار وبسرعة، كما يشعر بأنه لا يحقق ذاته ولا يشعر بسعادة، ويشعر بالعجز والتشاؤم واللاهدف واللامعنى ويميل للعزلة الاجتماعية، بما يقود إلى كراهية الذات، وضعف الثقة بها، والإحساس بالدونية، وقلق المستقبل، وبالتالي إلى الانتحار.

كما تشير دراسة (حجازي، 2016) إلى انخفاض مستوى الشعور بجودة الحياة بكافة أبعادها والتي تعبر عن حسن صحة الإنسان الجسدية، والنفسية، ونظافة البيئة المحيطة به، والرضا عن الخدمات التي تقدم له مثل التعليم، والخدمات الصحية، والاتصالات، والمواصلات، والممارسات الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وشيوع روح المحبة والتفاؤل بين الناس فضلاً عن الإيجابية، وارتفاع الروح المعنوية، والانتماء والولاء للوطن.

والسؤال الذي يراود الجميع، ماذا قدمت يا أولي الأمر لهؤلاء... ليشعروا بجودة الحياة في ظل عالم مفتوح يرى فيه الشباب ما يتاح لغيرهم.

تشير التقارير الدولية والمحلية إلى أنكم فشلتم في توفير الحد الأدنى لمتطلبات الشعور بجودة الحياة، بدءاً بتوفير لقمة العيش، إلى توفير غطاء يستر الجسد، وإنتهاء بتوفير الخدمات الصحية، والتعليمية والبيئية، والتي تؤكد التقارير على تراجعها إلى الحد الذي يجعل طالباً يمضي تسع سنوات دراسية يدرس على شمعة أو مصباح، أو يجعل شاباً في مقتبل عمره يفقد حياته لعدم حصوله على تحويله طبية، أو يجعل شاباً يتنازل عن كبريائه وكرامته ليقف على الشارع ينتظر صدقة تعيل أسرته، وإلى الحد الذي يجعل شاباً يقرر الهجرة تاركاً وطنه وقضيته، وإلى الحد الذي يجعل شاباً يحرق نفسه ليتخلص من حياته.

منذ تسعة أعوام يعيش الشباب الفلسطيني ظروفاً سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية غير قابلة للاحتمال، في ظل وسائل اتصال مفتوحة وغير متحكم فيها، وفي ظل منظومة معاييرية فقدت معناها في المجتمع، إلى متى سيبقى هذا القطاع الحيوي والذي يشكل عماد الأمة ورافعتها، والذي يملك من الطاقات والابداعات ما يؤهله للبناء والتغيير والتأثير، بعيداً عن عقولكم وقلوبكم وأولوياتكم يا أولي الأمر؟ أفيقوا وأرحموا شبابنا لإنقاذ ثروتكم البشرية التي وبكل أسف لا تملكون ثروات غيرها، أفيقوا وصارحوهم هل إهمالهم بسبب عجزكم، أم هو ناتج عن ضغوط لا تستطيعون مواجهتها هدفها كسر هذا الشعب، أفيقوا فالتاريخ لم يرحم غيركم ليرحمكم.

 

 

 

 

أفيقوا يا أولي الأمر في شقي الوطن

د. جولتان حسن حجازي

 

طالعتنا المواقع الإخبارية اليوم بخبر انتحار شاب من خانيونس حرقاً، ولم يكن هذا الحادث الأول، حيث تشير التقارير الصادرة عن الشرطة الفلسطينية إلى تزايد حالات الانتحار لاسيما بين الشباب في قطاع غزة، ورافق ذلك آلاف التغريدات والبوستات على مواقع الاعلام الاجتماعي ما بين من يلوم وينتقد هذه الفعلة الشنيعة التي ستقودهم حتماً إلى النار، وما بين من يحاول تحليل الظاهرة والوصول إلى تحميل المسؤولية لأولي الأمر في شقي الوطن، لأنهم تقاعسوا عن تلبية الحد الأدني من الحاجات الإنسانية ليس لهؤلاء المنتحرين فقط، بل لكل قطاعات الشعب لاسيما قطاع الشباب وقطاعات المهمشين والمسحوقين من أبناء هذا الشعب.

بكل أسف هؤلاء الشباب لم يكونوا يوما أولوية في التخطيط الاستراتيجي لبرامج وخطط أولي الأمر، والدليل ما آلت إليه أمورهم، حيث تشير التقارير إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الفلسطيني في قطاع غزة لمستوى غير مسبوق، كما تشير الدراسات والأبحاث إلى تعرض هؤلاء الشباب لضغوط اقتصادية واجتماعية قاهرة، ففي دراسة (حجازي، 2016) حول الشباب الفلسطيني في قطاع غزة، أشارت النتائج إلى معاناة (69.27%) منهم من الشعور بالاغتراب، والاغتراب هو اضطراب نفسي يشكل خطراً يهدد المجتمع بأسره، لأنه يعني انسلاخ الإنسان عن المجتمع وعن واقعه وذاته وقيمه وثقافته، فهو انفصال اجتماعي، وهو عدم رضا عن الواقع، فالشخص المغترب لا يحس بفعاليته، ولا أهميته، ولا وزنه في الحياة، ويشعر تبعاً لذلك بانعدام تأثيره على المواقف الاجتماعية التي يتفاعل معها، ويشعر بأنه يفتقر إلى موجه لسلوكه، وأن أنساق القيم التي يخضع لتأثيرها أصبحت نسبية ومتناقضة وغامضة ومتغيرة باستمرار وبسرعة، كما يشعر بأنه لا يحقق ذاته ولا يشعر بسعادة، ويشعر بالعجز والتشاؤم واللاهدف واللامعنى ويميل للعزلة الاجتماعية، بما يقود إلى كراهية الذات، وضعف الثقة بها، والإحساس بالدونية، وقلق المستقبل، وبالتالي إلى الانتحار.

كما تشير دراسة (حجازي، 2016) إلى انخفاض مستوى الشعور بجودة الحياة بكافة أبعادها والتي تعبر عن حسن صحة الإنسان الجسدية، والنفسية، ونظافة البيئة المحيطة به، والرضا عن الخدمات التي تقدم له مثل التعليم، والخدمات الصحية، والاتصالات، والمواصلات، والممارسات الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وشيوع روح المحبة والتفاؤل بين الناس فضلاً عن الإيجابية، وارتفاع الروح المعنوية، والانتماء والولاء للوطن.

والسؤال الذي يراود الجميع، ماذا قدمت يا أولي الأمر لهؤلاء... ليشعروا بجودة الحياة في ظل عالم مفتوح يرى فيه الشباب ما يتاح لغيرهم.

تشير التقارير الدولية والمحلية إلى أنكم فشلتم في توفير الحد الأدنى لمتطلبات الشعور بجودة الحياة، بدءاً بتوفير لقمة العيش، إلى توفير غطاء يستر الجسد، وإنتهاء بتوفير الخدمات الصحية، والتعليمية والبيئية، والتي تؤكد التقارير على تراجعها إلى الحد الذي يجعل طالباً يمضي تسع سنوات دراسية يدرس على شمعة أو مصباح، أو يجعل شاباً في مقتبل عمره يفقد حياته لعدم حصوله على تحويله طبية، أو يجعل شاباً يتنازل عن كبريائه وكرامته ليقف على الشارع ينتظر صدقة تعيل أسرته، وإلى الحد الذي يجعل شاباً يقرر الهجرة تاركاً وطنه وقضيته، وإلى الحد الذي يجعل شاباً يحرق نفسه ليتخلص من حياته.

منذ تسعة أعوام يعيش الشباب الفلسطيني ظروفاً سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية غير قابلة للاحتمال، في ظل وسائل اتصال مفتوحة وغير متحكم فيها، وفي ظل منظومة معاييرية فقدت معناها في المجتمع، إلى متى سيبقى هذا القطاع الحيوي والذي يشكل عماد الأمة ورافعتها، والذي يملك من الطاقات والابداعات ما يؤهله للبناء والتغيير والتأثير، بعيداً عن عقولكم وقلوبكم وأولوياتكم يا أولي الأمر؟ أفيقوا وأرحموا شبابنا لإنقاذ ثروتكم البشرية التي وبكل أسف لا تملكون ثروات غيرها، أفيقوا وصارحوهم هل إهمالهم بسبب عجزكم، أم هو ناتج عن ضغوط لا تستطيعون مواجهتها هدفها كسر هذا الشعب، أفيقوا فالتاريخ لم يرحم غيركم ليرحمكم.

 

 

 

 

 

 

 

أفيقوا يا أولي الأمر في شقي الوطن

د. جولتان حسن حجازي

 

طالعتنا المواقع الإخبارية اليوم بخبر انتحار شاب من خانيونس حرقاً، ولم يكن هذا الحادث الأول، حيث تشير التقارير الصادرة عن الشرطة الفلسطينية إلى تزايد حالات الانتحار لاسيما بين الشباب في قطاع غزة، ورافق ذلك آلاف التغريدات والبوستات على مواقع الاعلام الاجتماعي ما بين من يلوم وينتقد هذه الفعلة الشنيعة التي ستقودهم حتماً إلى النار، وما بين من يحاول تحليل الظاهرة والوصول إلى تحميل المسؤولية لأولي الأمر في شقي الوطن، لأنهم تقاعسوا عن تلبية الحد الأدني من الحاجات الإنسانية ليس لهؤلاء المنتحرين فقط، بل لكل قطاعات الشعب لاسيما قطاع الشباب وقطاعات المهمشين والمسحوقين من أبناء هذا الشعب.

بكل أسف هؤلاء الشباب لم يكونوا يوما أولوية في التخطيط الاستراتيجي لبرامج وخطط أولي الأمر، والدليل ما آلت إليه أمورهم، حيث تشير التقارير إلى ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب الفلسطيني في قطاع غزة لمستوى غير مسبوق، كما تشير الدراسات والأبحاث إلى تعرض هؤلاء الشباب لضغوط اقتصادية واجتماعية قاهرة، ففي دراسة (حجازي، 2016) حول الشباب الفلسطيني في قطاع غزة، أشارت النتائج إلى معاناة (69.27%) منهم من الشعور بالاغتراب، والاغتراب هو اضطراب نفسي يشكل خطراً يهدد المجتمع بأسره، لأنه يعني انسلاخ الإنسان عن المجتمع وعن واقعه وذاته وقيمه وثقافته، فهو انفصال اجتماعي، وهو عدم رضا عن الواقع، فالشخص المغترب لا يحس بفعاليته، ولا أهميته، ولا وزنه في الحياة، ويشعر تبعاً لذلك بانعدام تأثيره على المواقف الاجتماعية التي يتفاعل معها، ويشعر بأنه يفتقر إلى موجه لسلوكه، وأن أنساق القيم التي يخضع لتأثيرها أصبحت نسبية ومتناقضة وغامضة ومتغيرة باستمرار وبسرعة، كما يشعر بأنه لا يحقق ذاته ولا يشعر بسعادة، ويشعر بالعجز والتشاؤم واللاهدف واللامعنى ويميل للعزلة الاجتماعية، بما يقود إلى كراهية الذات، وضعف الثقة بها، والإحساس بالدونية، وقلق المستقبل، وبالتالي إلى الانتحار.

كما تشير دراسة (حجازي، 2016) إلى انخفاض مستوى الشعور بجودة الحياة بكافة أبعادها والتي تعبر عن حسن صحة الإنسان الجسدية، والنفسية، ونظافة البيئة المحيطة به، والرضا عن الخدمات التي تقدم له مثل التعليم، والخدمات الصحية، والاتصالات، والمواصلات، والممارسات الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وشيوع روح المحبة والتفاؤل بين الناس فضلاً عن الإيجابية، وارتفاع الروح المعنوية، والانتماء والولاء للوطن.

والسؤال الذي يراود الجميع، ماذا قدمت يا أولي الأمر لهؤلاء... ليشعروا بجودة الحياة في ظل عالم مفتوح يرى فيه الشباب ما يتاح لغيرهم.

تشير التقارير الدولية والمحلية إلى أنكم فشلتم في توفير الحد الأدنى لمتطلبات الشعور بجودة الحياة، بدءاً بتوفير لقمة العيش، إلى توفير غطاء يستر الجسد، وإنتهاء بتوفير الخدمات الصحية، والتعليمية والبيئية، والتي تؤكد التقارير على تراجعها إلى الحد الذي يجعل طالباً يمضي تسع سنوات دراسية يدرس على شمعة أو مصباح، أو يجعل شاباً في مقتبل عمره يفقد حياته لعدم حصوله على تحويله طبية، أو يجعل شاباً يتنازل عن كبريائه وكرامته ليقف على الشارع ينتظر صدقة تعيل أسرته، وإلى الحد الذي يجعل شاباً يقرر الهجرة تاركاً وطنه وقضيته، وإلى الحد الذي يجعل شاباً يحرق نفسه ليتخلص من حياته.

منذ تسعة أعوام يعيش الشباب الفلسطيني ظروفاً سياسية واقتصادية واجتماعية ونفسية غير قابلة للاحتمال، في ظل وسائل اتصال مفتوحة وغير متحكم فيها، وفي ظل منظومة معاييرية فقدت معناها في المجتمع، إلى متى سيبقى هذا القطاع الحيوي والذي يشكل عماد الأمة ورافعتها، والذي يملك من الطاقات والابداعات ما يؤهله للبناء والتغيير والتأثير، بعيداً عن عقولكم وقلوبكم وأولوياتكم يا أولي الأمر؟ أفيقوا وأرحموا شبابنا لإنقاذ ثروتكم البشرية التي وبكل أسف لا تملكون ثروات غيرها، أفيقوا وصارحوهم هل إهمالهم بسبب عجزكم، أم هو ناتج عن ضغوط لا تستطيعون مواجهتها هدفها كسر هذا الشعب، أفيقوا فالتاريخ لم يرحم غيركم ليرحمكم.

اخر الأخبار