كفى.. يا سيادة الرئيس!

تابعنا على:   11:33 2016-02-09

سليمان جودة

الدولة تعرف تماماً، بل ترى أن جيبها مخروم، وأنها كلما ألقت فيه مالاً، سقط المال على الأرض، ثم ضاع، ومع ذلك.. نعم مع ذلك كله.. الذى تعرفه دولتنا وتراه بعينيها، تواصل إلقاء الفلوس فى الجيب المخروم، ونتفرج عليها وهى تسقط وتضيع، وتجد متعة فى ذلك، فيما يبدو!

لقد كان هذا هو المعنى الوحيد الذى يستنتجه أى عاقل من لقاء الرئيس مع وزير الاستثمار قبل أيام، لأن ما قيل بعد اللقاء إن الرئيس طلب من الوزير تطوير القطاع العام، من أجل أن يكون رابحاً ومنتجاً!

كلام جميل كما ترى، ولكن أى قارئ له لابد أن يسأل نفسه فى حيرة بالغة، بل يسأل الرئيس، ومن بعده الوزير: أى تطوير بالله عليكما.. وأى ربح، وأى إنتاج يمكن أن ننتظره من قطاع عام خسرت إحدى شركاته، العام الماضى وحده، ملياراً و200 مليون جنيه، ثم وزعت أرباحاً ستة أشهر فى نهاية العام نفسه؟!.. إذا لم يكن هذا هو الجنون بعينه فما هو يارب الجنون؟!

إننى أريد أن أحيط الرئيس علماً، وأريد أن أحيط معه وزير استثماره علماً، وأريد أن أحيط كل مسؤول غيور على كل قرش من المال العام علماً، بأن فرنسا قررت، فى يوليو الماضى، بيع حصتها البالغة 60٪ فى مطار نيس، الذى يجرى تصنيفه كثالث مطار فيها، ومع ذلك.. نعم مع ذلك مرة أخرى.. قررت الحكومة الفرنسية طرح حصتها فيه للبيع، رغم أنه بالمناسبة لا يخسر.. فلماذا باعته إذن؟!

باعوه، لأن الدولة هناك، كما قيل يومها، ليس من بين مهامها على أرضها أن تمتلك المطارات أو غيرها.. وإنما الدولة لها دور محدد، إذا ما تعلق الأمر بالمطارات على سبيل المثال.. وهذا الدور يتمثل فى أن تكون هى المسؤولة عن الأمن فيه وفى غيره، وأن تكون كفيلة بتحقيق الأمن بمفهومه الأعم فى أرجائها كدولة، وفى أرجائه هو كمطار، ثم تحصل على ضريبة عن كل طائرة تحط عليه، لتصرف من مجمل الضرائب كلها على الخدمات العامة، لكل مواطن فرنسى، وتستطيع، عندئذ، أن تقدم له تعليماً ممتازاً، يجعله على صلة بالعصر الذى يعيش فيه، ثم تعالجه إذا مرض، مجاناً، وعلى أعلى مستوى!

لم أسمع أن فرنسياً صاح بأعلى صوته بأن المطارات أمن قومى، وأنه لا يجوز بيعها ولا الاقتراب منها.. لم يحدث.. ولكن حدث عندنا، أن الرئيس فى لقائه مع وزير الاستثمار، قرر إلقاء المزيد من مئات الملايين، وأكاد أقول المليارات، فى الجيب المخروم، ليبقى التعليم على حاله، وليظل المرضى يموتون فى مستشفيات الحكومة، وعلى أرصفتها، بلا علاج، وبلا ثمن، لأنه لا ميزانية كافية للمستشفيات، ولا للمدارس، وبالأدق، لأن الميزانية التى من المفترض أن تذهب إلى كل مستشفى، وإلى كل مدرسة، قد تم إلقاؤها فى الجيب المخروم، بقرار من الرئيس، وبإقرار من الوزير!.. وعلى المعترض أن يخبط رأسه فى حائط أكبر شركة قطاع عام خاسرة!

عن المصري اليوم

اخر الأخبار