الدوحة في بيت لحم ... لا في قطر

تابعنا على:   02:39 2016-02-06

عدنان الصباح

يوميا وبلا كلل او ملل يجري الحديث عن ما بات يسمى المصالحة وبات الجميع يعتقد ان المقصود هنا هي المصالحة بين فتح وحماس والحقيقة كل الحقيقة ان لا خلاف على الاطلاق بينهما فالحمد لله هم يلتقون ويبتسمون ويضحكون للمصورين وجميعهم يصرحون نفس التصريح وهو انهم حريصون وبالمطلق على انجاز المصالحة باي ثمن وان لا بديل عن المصالحة وان المصالحة هي هدفهم وانهم جادون في ذلك لولا ان الطرف كذا يفعل كذا والطرف كذا يفعل كذا والكذا هذه تتغير الف مرة وبكل لقاء تظهر كذا جديدة.

منذ اكثر من ثماني سنوات والانقسام الفلسطيني يراوح مكانه خلالها حدثت الكثير من المتغيرات الدولية وفي العالم العربي بالذات وفي مقدمة هذه المتغيرات ما يسمى بالربيع العربي او انقلاب الانقلاب ان جاز التعبير وتغيرت التحالفات 180 درجة فلم يبق احد مع احد الا امريكا واسرائيل وزاد معسكرهما المعادي للشعوب وارادتها وانحسرت قوى الثورة وانقلبت موازين تغيرت خلالها حتى المفاهيم الراسخة للثورة والتحالفات الا شيء واحد لم يتغير وهو الانقسام الفلسطيني الفلسطيني, امريكا تفاوضت مع ايران واتفقت وتراجع الهجوم المعادي للسوريا لصالح المتحالف معها وتوقف الغزل السني الشيعي وصار شيعيا شيوعيا ان اعتبرنا روسيا الاتحادية وريثة الاتحاد السوفياتي وسنيا صليبيا اذا كانت السعودية تمثل السنة وامريكا تمثل الصليبيين الا الفلسطينيين ظل الخلاف بينهم اقوى من الخلافات الدينية والطائفية والسياسية والاقتصادية واعمق, ولا احد منهم يقر بذلك ففي حين يتكرس الانقسام والفصل اكثر فاكثر بين غزة والضفة لازال الجميع بلا استثناء يتحدث باللسان عن وحدة الوطن وحرمة الدم وحتمية المصالحة ويبقى السؤال اذن اذا كان الجميع بلا استثناء يؤمن بذلك فمن هو المسئول عن استمرار الانقسام اذن ولمصلحة من يتواصل.

الحقيقة ان الانقسام القائم او المفروض ليس بين فتح وحماس بل بين شقين محتلين من الوطن واحد بالاعتقال الكامل والاخر بالاستباحة الكاملة يؤثر في الحقيقة على عموم الفقراء الذين لا وطن لهم سوى فلسطين التي قزمتها القوى المفترض بها ان تحرر الوطن كل الوطن الى محميات ومعازل واقطاعيات ليس في غزة فقط بل وفي الضفة ايضا واحيانا حتى في اجزائهما وصار الوطن في عرف الغزيين الخارجين من ابشع حربين الى مجرد خيمة بلاستيكية على رمل غزة او ملجا في مدرسة او تحت السماء بلا غطاء او بحثا عن مهرب يترك الوطن نهبا لأنياب الاعداء, فغزة بلا معابر ولا مخارج وبلا كهرباء وبلا مساعدات وقد يكون بلا طعام او لباس لدى البعض والضفة تتضامن مع موت الغزيين في الحربين باقل مما تضامنت اية دولة غير عربية وبنفس الوقت تقاتل بأطفالها منفردين دون حتى ان يجدوا من يقدم لهم توجيها او نصحا فقد بات اطفالنا يموتون كل يوم بنفس الطريقة دون تعديل او تغيير ليتضح لكل مراقب ان ما يجري لا قيادة له ولا احد يسعى حتى لتوجيهه فنحن جميعا لم يعد لنا سوى ان نغني لموت الشهيد بغض النظر عن قدرتنا على فحص وسائل الحماية واليات نزود بها شباننا ليتقنوا كيف يواصلوا الكفاح اكثر لا كيف يموتون دون ان يسمعوا حتى غناءنا لاستشهادهم.

مرة اخرى فتح وحماس متصالحتان فلا مشكلة لدى كل منهما فهم يلتقون باستمرار بكل بقاع الارض الا ارض الوطن وقد عروفا جيدا فنادق القاهرة وصنعاء حين كانت ومكة والدوحة وعمان وحتى اسطنبول واليوم صارت الدوحة محجا لهم جميعا والكل ينتظر الترياق من قطر بعد ان جف ترياق العراق ولا يوجد في قيادة الطرفين قائد ينام في خيمة او لا يجد قوت يومه او لا يحصل على راتبه اخر الشهر كل قيادات الفصائل بدءا من قائد الخلية ان ظل هناك خلايا وانتهاء بقمة الهرم يعرفون صرافات البنوك بأشكال واشكال ولا تجف منابع الخبز والحليب لهم ولأطفالهم وبعضهم لا تجف منابع البنزين لسياراتهم والدولارات لحساباتهم والبعض الكثير منهم يملك بيتا مؤقتا في الوطن وبيتا دائما خارج الوطن والبعض يستعمل جواز سفره الفلسطيني امام الكاميرات وغير الفلسطيني للتباهي به واستخدامه.

احد من قادة الفصائل الفلسطينية جميعها يبدو لا يدري ان في بيت لحم بلدة فلسطينية اسمها الدوحة وان قطر نفسها هي من اسست هذه البلدة على نفقتها فهي اذن مدينة فلسطينية بأموال قطرية فما العيب لو جرت المشاورات على ارضها وعلى مقربة من الاقصى والمهد والقيامة ومخيم الدهيشة وقد تشمون من روائحها روائح الجوع في غزة والحلم في العروب والوجع في الامعري والانتظار الذي طال في عكا لماذا لا يلتقي قادة حماس وفتح في الضفة أو في غزة في مأتم أي من الشهداء وبحضور ذوي الشهداء ومن حضر ثم يتناقشوا علنا امام الناس ان كانوا يجرؤون على ذكر اسباب عدم المصالحة بين غزة والضفة اولا ثم فليختلفوا هم كما يشاؤون والى متى شاءوا فلا احد تعنية مصافحاتهم ولا خلافاتهم اذا جنبوا الوطن هذه الخلافات.

اخر الأخبار