التطرف الصهيوني والفساد

تابعنا على:   10:58 2015-11-28

برهوم جرايسي

تعصف بالحلبة السياسية الإسرائيلية، في الأيام الأخيرة، فضيحة تحرش جنسي جديدة، نجمها هذه المرّة النائب اليميني العنصري يانون ميغال، من كتلة تحالف المستوطنين "البيت اليهودي". وكان لهذه الضجة نغمة خاصة، كون أن هذه الكتلة يطغى عليها طابع التيار الديني الصهيوني، المسيطر على عصابات المستوطنين. لكن هذه فضيحة واحدة من سلسلة فضائح فساد مالي وأخلاقي ظهرت مؤخرا، يميز غالبيتها الساحقة أنها تأتي من اليمين الأشد تطرفا.

ميغال هو نائب جديد منذ الانتخابات الأخيرة، وهو صحفي بارز. ومنذ يومه الأول في الكنيست، اجتهد ليتميز بخطابه الأشد عنصرية وعدائية تجاه كل من هو عربي، وهو على رأس المبادرين إلى قوانين عنصرية، عدا عن مشاركته في مبادرات مثيلة.

تقدمت في الأيام الأخيرة، موظفتان سابقتان عملتا تحت مسؤوليته في الصحافة، بشكاوى للشرطة ضده بأنه تحرش بهما جنسيا. وتتوقع الشرطة شكاوى أخرى، فيما هو لم ينكر الشكاوى ضده حتى الآن. وسارع رئيس التحالف، وزير التعليم نفتالي بينيت، الى إقالته من رئاسة الكتلة البرلمانية، حتى قبل أن تبدأ التحقيقات الرسمية معه.

وتظهر هذه الفضيحة في الوقت الذي تتواصل فيه فضائح الفساد المالي الضخمة التي لشخصيات فيها علاقة متينة بحزب "إسرائيل بيتنا"، بزعامة المتطرف أفيغدور ليبرمان. فعدا فضائح الفساد المالي الكبرى التي تكشفت في الشهر الأخير من العام الماضي، وطالت من كانت نائبة وزير الداخلية، ووزراء سابقين في الحزب، وأكثر من 40 شخصية، منها من تقود "جمعيات" استيطانية، تكشفت في الشهرين الأخيرين فضيحة بنفس المستوى في "دائرة الأشغال العامة". ويجري الحديث عن عشرات ملايين الدولارات، وفي هذه المرّة أيضا ظهر أشخاص على ارتباط بحزب ليبرمان ذاته. ونذكر في هذا الشأن أن اسم ليبرمان ارتبط على مدى سنوات بشبهات وقضايا فساد مالي عديدة.

وفي معسكر اليمين أيضا، نذكر أنه قبل سنوات قليلة، تورط ما يزيد على 17 نائبا ووزيرا وشخصية في حزب الليكود الحاكم بقضايا فساد مالي، بدءا ممن كان رئيس الحزب ورئيس الوزراء أرييل شارون، الذي ساعد سقوطه في غيبوبة دامت ثماني سنوات، حتى موته، في إغلاق قضية الفساد والرشاوى بملايين الدولارات. وهناك نواب حوكموا ودخلوا السجن. ونذكر أيضا نوابا ووزراء من حزب "شاس" الديني المتزمت اليميني.

وهذا لا يعني أن الفساد المالي والأخلاقي يقتصر على المعسكر الصهيوني اليميني المتطرف، بل يصل أيضا إلى معسكرات وتيارات أخرى. ولكنه يبرز بشكل خاص في اليمين المتطرف، وبالذات عند أولئك الذين يسعون إلى رفع منسوب عنصريتهم وأحقادهم، وكما يبدو سعيا منهم الى خلق حامية لهم في المؤسسة الحاكمة وأذرعها القضائية. وهناك أساس لهذا الاعتقاد؛ فما يظهر من فساد، يخلق انطباعا بأن الظاهرة أكبر بكثير مما يتم الكشف عنه، خاصة أن إسرائيل مُدرجة في مراتب عالية في منسوب فساد الحكم، بموجب التقارير الدولية، وبشكل خاص لدى مقارنتها مع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).

لا مكان إطلاقا للاعتقاد بأن مجرد الكشف عن قضايا الفساد في المؤسسة الإسرائيلية، هو نوع من "نزاهة الحكم"، بل العكس تماما، لأن في قسم كبير جدا من قضايا الفساد، وإن لم يكن كلها، يتضح أنها قضايا إما قديمة، أو مستمرة منذ سنوات، وفي لحظة ما قررت جهة ما، أو شخص ما، الكشف عنها. وعادة ما يكون الكشف عملية انتقام من الفاسدين، تتعلق برغبات الوصول إلى مناصب أو تحصيل مكتسبات وغيرها.

فمثلا، شهدت قيادة الشرطة في الأشهر الأخيرة مسلسل فضائح أخلاقية طال عددا من كبار الضباط، وكان هذا في الوقت الذي بدأ فيه البحث عن قائد جديد للشرطة. وهذا ما حصل أيضا قبل فترة في قيادة جيش الاحتلال، بمعنى أن للكثير من قادة المؤسسات الإسرائيلية بمستوياتها المختلفة، ملفات فساد كهذه أو تلك، وقرار الكشف عنها متعلق بحسابات هي أيضا ليست نزيهة.

ما يُراد قوله، أن فكرا عنصريا بمستوى الصهيونية، وحُكما يرتكب على الدوام جرائم ضد الانسانية كالحُكم الإسرائيلي، لا يمكنه أن يكون ديمقراطيا أو نزيها، حتى تجاه جمهوره المباشر.

عن الغد الاردنية

اخر الأخبار