مستقبل إسرائيل إلى الزوال

تابعنا على:   18:52 2015-11-27

د. غازي حسين

اعترف تيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية والمؤسسون الصهاينة أن المشروع الصهيوني في قلب الوطن العربي مشروع استعماري سيقوم بدعم وتأييد كاملين من الدول الاستعمارية لخدمة الأهداف الاستعمارية والصهيونية والهيمنة على المنطقة وصهينتها والقضاء على الوحدة العربية وعلى دور العرب في العصر الحديث وعلى الحضارة العربية الإسلامية في فلسطين العربية باستخدام القوة ووضعها فوق الحق والعدالة وممارسة الإرهاب والعنصرية والإبادة الجماعية لترحيل الفلسطينيين خارج وطنهم فلسطين، فالكيان الصهيوني حالة استعمارية وإرهابية وعنصرية شاذة في الزمان والمكان ولا مستقبل له في فلسطين والمنطقة على الإطلاق.

عمل الاستعمار الأوروبي أولاً على إقامة إسرائيل في قلب الوطن العربي وتأسست بعد ذلك الحركة الصهيونية وارتمت كلية في أحضانه لخدمة مصالحها ومصالحه في المنطقة العربية والإسلامية.

نشأ الكيان الصهيوني في فلسطين العربية نشأة غير طبيعية وغير شرعية اعتمدت على وعد بلفور غير القانوني واتفاقية سايكس ـ بيكو الاستعمارية ونظام الانتداب الاستعماري وقرار التقسيم غير الشرعي، ونشأ جراء استجلاب قطعان المستعمرين اليهود وزرعهم في فلسطين وترحيل سكانها الشرعيين وأصحابها الأصليين بمساعدة الدول الغربية واستخدام القوة لكسر إرادات بعض الحكام العرب وبدعم من اليهودية العالمية.

إن المشروع الصهيوني مشروع استعمار استيطاني يهودي توسعي وإرهابي وعنصري وإحلالي وإجلائي، وأن الصراع معه صراع وطني وقومي وديني وإنساني لردعه ووقف تمدده وتخليص شعوب المنطقة والعالم من أطماعه وحروبه وتهديده المستمر للأمن والاستقرار والازدهار والسلام العالمي.

بدأ كجزء من المشروع الاستعماري للهيمنة على الوطن العربي وعرقلة الوحدة العربية ونهب ثرواته فالصراع معه امتداد للصراع مع الاستعمار الأوروبي والإمبريالية الأمريكية، وتقوم طبيعته الاستعمارية على نظرية المجال الحيوي للصهيونية من النيل إلى الفرات كمقدمة لهيمنة الصهيونية على العالم.

ويعمل باستمرار على ديمومة مواجهة الدول الغربية مع مصالح وطموحات الشعوب العربية والإسلامية.

وتقوم استراتيجية "إسرائيل" على استخدام القوة والتهديد باستخدامها للتدخل في الشؤون العربية وللضغط والابتزاز وكسر بعض الإرادات الرسمية وإشعال الحرب وتهويد الأرض والمقدسات العربية والقضاء على حركات المقاومة، ويعلن باستمرار عدم استعداده للعودة إلى حدود ما قبل الخامس من حزيران لأن الضفة الغربية بما فيها القدس أرض محررة وليست محتلة، ويرفض عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم، ويمارس سياسة الأرض المحروقة وتدمير المنجزات وارتكاب المجازر الجماعية والاغتيالات وفرض العقوبات الجماعية كالحصار الجائر على قطاع غزة.

لذلك من المستحيل التعايش مع طبيعة الكيان الصهيوني المؤمن بالخرافات والأكاذيب والأطماع التوراتية والتلمودية والصهيونية والذي يعمل على تسخير اليهودية العالمية والولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي لبث الكراهية والعداء للعرب والمسلمين وإشعال الحروب والفتن الطائفية والمذهبية لتفتيت البلدان العربية واستغلال معزوفتي اللا سامية والهولوكوست (المحرق) لتبرير الهولوكوست الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.

إن الكيان الصهيوني هو نتاج التعاون السري والعلني بين الدول الاستعمارية والحركة الصهيونية، ويدين بنجاحه إلى الدول الاستعمارية والإمبريالية الأمريكية وبعض الحكام العرب.

ربطت "إسرائيل" مصيرها منذ التأسيس بالدول الاستعمارية وضد مصالح وأهداف الشعب العربي وشعوب المنطقة، فعندما استعادت مصر سيادتها على قناة السويس وضعت نفسها في خدمة بريطانيا وفرنسا الاستعماريتين، وبدأت حرب السويس العدوانية في 29/10/1956 وبارتكاب مجزرة كفر قاسم الجماعية.

وسخرت استخدام القوة وارتكاب الحروب العدوانية فأشعلت حرب حزيران العدوانية عام 1967 كوسيلة لتوسيع رقعتها وفرض هيمنتها وإعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة من خلال اتفاقات الإذعان في كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة ومشروع الشرق الأوسط الجديد لإقامة "إسرائيل العظمى" الاقتصادية.

وعادت وغزت لبنان عام 1982، وخططت وأشرفت على تنفيذ القوات اللبنانية لمجازر صبرا وشاتيلا، واحتلت جنوب لبنان إلى أن أجبرتها المقاومة الإسلامية على الهروب في الاندحار في 25 أيار 2000، وعادت وأشعلت حرب تموز 2006 على لبنان والهولوكوست على قطاع غزة في نهاية 2008.

إن الحروب العدوانية ونشر الخراب والدمار والقتل والاغتيالات وممارسة الإرهاب والعنصرية وعرقلة التنمية والتطور ومحاربة العرب والمسلمين هي من الأهداف الأساسية لإسرائيل في المنطقة.

ويُظهر تمسكها بكتل المستعمرات اليهودية الكبيرة في الضفة الغربية بما فيها القدس بشطريها المحتلين والجولان ومزارع شبعا وكفر شوبا نواياها الحقيقية في استعمار كل فلسطين والهيمنة على الوطن العربي والمنطقة الإسلامية حتى جمهوريات آسيا الوسطى بدعم وتأييد كاملين من الولايات المتحدة وبعض زعماء من أسمتهم رايس بالمعتدلين العرب وعلى رأسهم الطاغية المخلوع حسني مبارك.

إن "إسرائيل" كيان غريب عن المنطقة، دخيل عليها، فاليهود جاؤوا من وراء البحار واغتصبوا بالقوة الأرض والثروات والحقوق بدعم من الدول الاستعمارية واليهودية العالمية، واستغلت الصهيونية الحركات اللاسامية وتعاونت مع النازية في ألمانيا. وسخّرت الصهيونية معزوفة الهولوكوست لإقامة "إسرائيل" وتبرير حروبها العدوانية وتهويد القدس والمسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي في الخليل، وأظهرت الوثائق أن "إسرائيل" وراء تدمير العراق وتغيير نظامه وتمزيقه وتفتيته وراء بث الفتن الطائفية والعرقية، والمذهبية فيه وفي لبنان، وهي وراء فصل جنوب السودان عن شماله، وتدعم الحكام العرب الفاسدين والمستبدين والمعادين لمصالح شعوبهم.

نشأ الكيان الصهيوني نشأة غير طبيعية وغير شرعية بقوة السلاح والإبادة الجماعية ودعم الدول الاستعمارية وهو دخيل على المنطقة غريب عنها، استقدم قطعان المستوطنين اليهود وقام بترحيل الفلسطينيين واغتصب أرضهم وحقوقهم، ونشأ جراء استجلاب اليهود وزرعهم في فلسطين وترحيل سكانها الأصليين وأصحابها الشرعيين، وبدعم من يهود العالم والإمبريالية الأمريكية.

كذب المؤسسون الصهاينة على يهود العالم عندما عمموا أكذوبة أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وتصوروا أن بإمكانهم التخلص من الشعب العربي الفلسطيني تماماً كما تخلصت الولايات المتحدة من الهنود الحمر عن طريق الإبادة الجماعية واستيطان البيض تماماً كما فعل المستعمرون الأوروبيون في إفريقيا واستراليا.

إن قيم ومبادئ "إسرائيل" وممارساتها الاستعمارية والإرهابية والعنصرية تتنافى مع قيم الحق والعدالة والتنمية والتطور والسلام في المنطقة، وعملت وتعمل على نشر الحروب والخراب والدمار والقتل وتجسّد العدد الأساسي لشعوب المنطقة والحليف الاستراتيجي للإمبريالية الأمريكية.

إن "إسرائيل" مرفوضة رفضاً قاطعاً من شعوب البلدان العربية والإسلامية، ويزداد عداء جماهير الأمة العربية لها يوماً بعد يوم، لأنها أشعلت العديد من الحروب العدوانية على فلسطين والأردن ومصر وسورية ولبنان، وهي وراء الحرب الصليبية على الإسلام بذريعة كاذبة وهي مكافحة الإرهاب.

إن شعوب المنطقة لا يمكن أن تقبل بوجود "إسرائيل" على الإطلاق لأنها اغتصبت فلسطين العربية وقامت بتهويد القدس مدينة الإسراء والمعراج بشطريها المحتلين وكأكبر غيتو يهودي عنصري في قلب المنطقة العربية والإسلامية على شكل قوة حليفة للإمبريالية ومعادية لشعوبها.

لذلك أخذت تنتشر في بعض الأوساط اليهودية والعالمية أن المشروع الصهيوني أقيم في فلسطين في الزمان والمكان الخطأ وبالأهداف والممارسات الخاطئة، وأن على إسرائيل كما قالت هيلين توماس عميدة الصحفيين في البيت الأبيض أن تحزم حقائبها وتعود من حيث أتت إلى ألمانيا.

إن "إسرائيل" ككيان استعمار استيطاني يهودي ونظام عنصري يمارس التطهير العرقي والعنصرية في القوانين الإسرائيلية وكقاعدة للإمبريالية الأمريكية لا يمكن التعايش معه على الإطلاق.

زالت النازية من ألمانيا والاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر ونظام الأبارتايد من جنوب إفريقيا ومستقبل "إسرائيل" إلى الزوال.

اخر الأخبار