شبه جزيرة سيناء

تابعنا على:   16:26 2015-11-26

سعيد المسحال

قصة هذه القطعة من أرض الغالية مصر قصة سارت عبر الزمن، فقد بدأ ذِكرها منذ أن قطعها سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء مع زوجته سارة وهم فقراء يبحثون عن حياة مريحة وآمنة، فوصلوا إلى ما يسمى الآن القنطرة "أفاريس" التي كانت عاصمة مملكة الهكسوس التي كانت حين ذاك قائمة على أرض سيناء وعلى شرقي الدلتا من أرض مصر، وكانوا يسمون أنفسهم فراعنة وعاصروا الأسرتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة من أُسر فراعنة وادي النيل.

وعاد ابراهيم منها بثروة واستوطن في منطقة الخليل نسبة إليه حيث كان يلقب بخليل الرحمن وكان اسمها الآخر "حبرون".

ثم ذكرت عدة مرات في سورة يوسف، وهجرة يعقوب بن اسحق بن ابراهيم وأولاده من الخليل إلى "أفاريس" واستوطنوا فيها وتناسلوا حتى جاء فرعون مصر "أُحْمُس" فهزم الهكسوس، وكان بني إسرائيل من ضمن الأسرى الذين استُعبدوا من قِبل المصريين وهم سلالة "بني يعقوب".

ثم جاءت قصة موسى الذي عاش في سيناء مع قوم شعيب، ولا أريد أن أخوض في قصته فهي من الناحية الدينية معروفة، إلا أن موته وجثته وقبره كلها غير معروفة المكان وهو لم يغادر أرض التيه، كما أن تفاصيل قصة التيه نفسها لمدة 40 سنة هي غير معروفة الزمان والمكان، وكذلك الفرعون الذي جادله موسى ليس معروفاً بالتأكيد.

وجميع جيوش العالم القديم من الهكسوس والفراعنة والفرس والأشوريون والبابليون، والإغريق والرومان والعرب والفرنسيون والأتراك والفاطميون والأكراد والمماليك والعباسيون والأمويون كلهم مروا بسيناء عابرين لا مقيمين من الشمال للجنوب أو بالعكس، و لذلك فإن هناك نُدرة في الآثار على أرض سيناء.

فمنذ سنة 1967 وحتى سنة 1979 وعلماء الآثار الصهاينة يحاولون الحصول على أدلة أثرية من أرض التيه، أو طريق العبور إلى سيناء، أو طريق التوجه بعد ذلك نحو الشمال وفشلوا في الحصول على أية أدلة.

وفي أوائل القرن الماضي ما بين 1905 – 1917 توالى على بريطانيا رئيس الوزراء هنري كامبل، وبعده هربرت أسكويث، وفي تلك الفترة تدارسوا إمكانية تحويل سيناء إلى دولة أنجلو سكسونية على غرار نيوزيلندا واستراليا وكندا لفصل عرب آسيا عن عرب افريقيا، و جاء بلفور بعدهم ليعطي الوعد لليهود على فلسطين وهو يعلم أن شعار الصهاينة "من النيل إلى الفرات أرضك يا إسرائيل".

ومنذ ذلك الزمن فُصِلَت سيناء عن أرض النيل وأصبح المواطن المصري لا يدخل إلى سيناء إلا بتصريح، وتوقف تمليك الأراضي وصار بدو سيناء وكأنهم غرباء لا يُمَلكون ولا يُجَندون ويعيشون عيشة الضنك!

ومنذ ذلك التاريخ أيضاً وربما قبله صارت سيناء مرتعاً للمهربين وتجار الحشيش وانتشرت فيها مزارع الحشيش، وفي المرحلة التي كانت فيها محتلة كان الحشيش يأتي من مزارع في إسرائيل وجنوب لبنان ويصل تهريباً إلى مصر بواسطة المهربين السيناويين.

إن الإهمال الذي كانت سيناء تُعامل به هو الذي أورثها هذا الوضع الغريب وزاد الطين بِلة باتفاقية كامب ديفيد وما نجم عنها من تقسيم سيناء إلى ثلاثة مناطق عسكرية بكثافات مختلفة وإلى محافظتين شمال وجنوب، وتنتشر على أرضها قوات دولية لا تتبع للأمم المتحدة، وانتشرت فيها العشوائيات في أبو درب ورفح والشيخ زويد وبئر العبد وغيرها.

كما وزاد طينها بِلة انتشار الأنفاق مع قطاع غزة والتي بدأت بتهريب البضائع ثم صارت لتهريب كل شيء، حتى السيارات والبشر والحيوانات و"ساندويتشات الكنتاكي"، والمدافع والصواريخ، ولا أحد يستطيع أن يفهم كيف يتم كل هذا وعين مصر لا ترى وأذنها لا تسمع وشرطتها وجيشها ومخابراتها كذلك، إلا إذا كان هناك أوامر عليا من الرئيس مبارك نفسه بغض النظر، وكذلك من القيادات العليا في إسرائيل.

سيناء الآن تعاني من تبعات وآثار كل العوامل السابقة أعلاه، فكلها مخاطر تبدو وكأنها اتسعت على الراتق وأصبحت عصية على الإصلاح ولكنها لا تزال ممكنة العلاج وأقترح ما يلي:

1. تجنيد كافة الشباب من سكان سيناء وإبقاءهم في الجيش لمدة خمس سنوات على الأقل.

2. تثبيت بدو سيناء وإعطائهم أراضي قابلة للإصلاح والزراعة.

3. فتح الباب أمام أبناء نهر النيل لإعمار سيناء بالمشاركة والتعاون مع أهلها وتقوية اللحمة بين الطرفين.

4. تكثيف المشروعات الصناعية والتعدينية والسمكية والزراعية والسياحية وتشغيل أبناء سيناء بها.

5. تحويلها إلى محافظة واحدة ومنطقة عسكرية واحدة وإنهاء وجود القوات الأجنبية على أرضها، وإن كان لا بد منها فيجب تحديد دورها بدقة ومراعاة تقيدها بهذا الدور، والأفضل و يا حبذا لو تكون تابعة للأمم المتحدة.

6. فتح المعابر البشرية والتجارية مع قطاع غزة مع تشديد إجراءات التفتيش لمنع دخول أو خروج كل ما تريد مصر عدم دخوله أو عدم خروجه.

7. إجراء مسح عسكري كاسح وشامل، بداية من القناة وحتى رفح، ومن القنطرة حتى نويبع وطابا، وكذلك جبال الوسط والجنوب.

8. فرز قيادة عسكرية وأمنية وإدارية لسيناء الموحدة وبمجلس استشاري من أهالي سيناء، وميزانية منفصلة للإعمار المدني والصناعي والسياحي والزراعي والصحي والتعليمي.

9. التطبيق الصارم للقوانين دون هوادة.

10. فرض ضريبة إعمار صغيرة باسم "ضريبة سيناء" على المعابر، وعلى العبور في قناة السويس وعلى العبور من وادي النيل إلى سيناء، وعلى التصاريح السياحية والفنادق وتصاريح الصيد، وكل ما يُجمع يوضع في صندوق سيناء لاستخدامه في الإعمار على غرار صندوق من أجل مصر.

11. البدء بهذا المخطط فوراً .

مع تحياتي إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي

ومع كل التقدير والاحترام.

اخر الأخبار